كمال15 عضو مميز
عدد المساهمات : 435 نقاط العضو : 17664 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 14/06/2009 مرح و جاد
| موضوع: التيمم ( تابع 2 ) الثلاثاء يوليو 14 2009, 22:15 | |
| أ- المرض: اتفق الفقهاء على جواز التيمم للمريض إذا تيقن التلف، وكذلك عند الأكثرين إذا خاف من استعمال الماء لوضوء أو لغسل، على نفسه أو عضوه هلاكه، أو زيادة مرضه، أو تأخر برئه، ويعرف ذلك بالعادة أو بإخبار طبيب حاذق مسلم عدل، واكتفى بعض الحنفية بأن يكون مستورا أي غير ظاهر الفسق، وصرح الشافعية في الأظهر -الحنابلة زيادة على ما تقدم- خوف حدوث الشين الفاحش. وقيده الشافعية بما يكون في عضو ظاهر، لأنه يشوه الخلقة ويدوم ضرره، والمراد بالظاهر عند الشافعية ما يبدو عند المهنة غالباً كالوجه واليدين. وذهب الحنفية والحنابلة إلى أن المريض الذي لا يقدر على الحركة ولا يجد من يستعين به يتيمم كعادم الماء ولا يعيد. وقال الحنفية: فإن وجد من يوضئه ولو بأجر المثل وعنده مال لا يتيمم في ظاهر المذهب. ب- خوف المرض من البرد ونحوه: ذهب جمهور الفقهاء إلى جواز التيمم في السفر والحضر (خلافاً لأبي يوسف ومحمد في الحضر) لمن خاف من استعمال الماء في شدة البرد هلاكاً، أو حدوث مرض، أو زيادته، أو بطء برء إذا لم يجد ما يسخن به الماء، أو لم يجد أجرة الحمام، أو ما يدفئه، سواء في الحدث الأكبر أو الأصغر، لإقرار النبي صلى الله عليه وسلم عمرو بن العاص رضي الله عنه على تيممه خوف البرد وصلاته بالناس إماما ولم يأمره بالإعادة. وذهب الحنفية إلى أن جواز التيمم للبرد خاص بالجنب، لأن المحدث لا يجوز له التيمم للبرد في الصحيح خلافاً لبعض المشايخ إلا إذا تحقق الضرر من الوضوء فيجوز التيمم حينئذ. وذهب جمهور الفقهاء إلى أن المتيمم للبرد -على الخلاف السابق- لا يعيد صلاته. وذهب الشافعية إلى أنه يعيد صلاته في الأظهر إن كان مسافراً، والثاني: لا يعيد لحديث عمرو بن العاص رضي الله عنه، أما إذا تيمم المقيم للبرد فالمشهور القطع بوجوب الإعادة. جـ-العجز عن استعمال الماء: يتيمم العاجز الذي لا قدرة له على استعمال الماء ولا يعيد كالمكره، والمحبوس،والمربوط بقرب الماء، والخائف من حيوان، أو إنسان في السفر والحضر، لأنه عادم للماء حكما، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الصعيد الطيب طهور المسلم وإن لم يجد الماء عشر سنين فإذا وجد الماء فليمسه بشرته فإن ذلك خير". واستثنى الحنفية مما تقدم المكره على ترك الوضوء فإنه يتيمم ويعيد صلاته. د- الحاجة إلى الماء: يتيمم ولا يعيد من اعتقد أو ظن أنه يحتاج الماء الذي معه ولو في المستقبل، لنحو عطش إنسان معصوم الدم، أو حيوان محترم شرعاً -ولو كلب صيد أو حراسة- عطشا مؤدياً إلى الهلاك أو شدة الأذى، وذلك صوناً للروح عن التلف، بخلاف الحربي، والمرتد، والكلب غير المأذون فيه، فإنه لا يتيمم بل يتوضأ بالماء الذي معه لعدم حرمة هؤلاء. وسواء أكانت الحاجة للماء للشرب، أم العجن، أم الطبخ. ومن قبيل الاحتياج للماء إزالة النجاسة غير المعفو عنها به، سواء أكانت على البدن أم الثوب، وخصها الشافعية بالبدن، فإن كانت على الثوب توضأ بالماء وصلى عرياناً إن لم يجد ساتراً ولا إعادة عليه. ذهب الشافعية والحنابلة إلى أنه إن كانت على بدنه نجاسة وعجز عن غسلها لعدم الماء، أو خوف الضرر باستعماله تيمم لها وصلى، وعليه القضاء عند الشافعية، وهو رواية للحنابلة. وذهب الحنابلة إلى أنه لا قضاء عليه، واستدلوا بعموم الحديث السابق ذكره (الصعيد الطيب طهور المسلم). ونقل ابن قدامة عن أكثر الفقهاء أن من على بدنه نجاسة وعجز عن غسلها يصلي بحسب حاله بلا تيمم ولا يعيد. ما يجوز به التيمم: اتفق الفقهاء على جواز التيمم بالصعيد الطاهر، وهو شرط عند الجمهور، فرض عند المالكية. قال الله تعالى: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [المائدة:6]. وقد اختلفوا في المراد بالصعيد هل هو وجه الأرض أو التراب المنبت؟ أما جواز المسح على التراب المنبت فبالإجماع. وأما غيره مما على وجه الأرض، فقد اختلف الفقهاء فيه، فذهب المالكية وأبو حنيفة ومحمد إلى أن المراد بالصعيد وجه الأرض، فيجوز عندهم التيمم بكل ما هو من جنس الأرض، لأن الصعيد مشتق من الصعود وهو العلو، وهذا لا يوجب الاختصاص بالتراب، بل يعم كل ما صعد على الأرض من أجزائها. والدليل عليه قوله صلى الله عليه وسلم: " عليكم بالأرض" من غير فصل، وقوله عليه الصلاة والسلام: "جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً" واسم الأرض يتناول جميع أنواعها. والطيب عندهم هو الطاهر، وهو الأليق هنا، لأنه شرع مطهراً، والتطهير لا يقع إلا بالطاهر، من أن معنى الطهارة صار مرادا بالإجماع حتى لا يجوز التيمم بالصعيد النجس. وقد اختلفوا في بعض ما يجوز به التيمم: فذهب المالكية إلى إنه يجوز التيمم بالتراب -وهو الأفضل من غيره عند وجوده- والرمل، والحصى، والجص الذي لم يحرق بالنار، فإن أحرق أو طبخ لم يجز التيمم به. ويجوز التيمم المعادن ما دامت في مواضعها ولم تنقل من محلها إذا لم تكن من أحد النقدين -الذهب أو الفضة- أو من الجواهر كاللؤلؤ، فلا يتيمم على المعادن من شب، وملح،وحديد، ورصاص، وقصدير، وكحل، إن نقلت من محلها وصارت أموالا في أيدي الناس. ولا يجوز التيمم بالخشب والحشيش سواء أوجد غيرهما أم لا، لأنها ليسا من أجزاء الأرض، وفي المسألة خلاف وتفصيل عند المالكية. ويجوز التيمم عندهم بالجليد وهو الثلج المجمد من الماء على وجه الأرض أو البحر، حيث عجز عن تحليله وتصييره ماء، لأنه أشبه بجموده الحجر فالتحق بأجزاء الأرض. وذهب أبو حنيفة ومحمد إلى أنه يجوز التيمم بكل ما كان من جنس الأرض، ثم اختلفا، فقال أبو حنيفة يجوز التيمم بكل ما هو من جنس الأرض، التزق بيده شيء أو لا، لأن المأمور به هو التيمم بالصعيد مطلقاً من غير شرط الالتزاق، ولا يجوز تقييد المطلق إلا بدليل. وقال محمد: لا يجوز إلا إذا التزق بيده شيء من أجزائه، فالأصل عنده أنه لا بد من استعمال جزء من الصعيد ولا يكون ذلك إلا بأن يلتزق بيده شيء منه. فعلى قول أبي حنيفة يجوز التيمم بالجص، والنورة، والزرنيخ، والطين الأحمر، والأسود، والأبيض، والكحل، والحجر الأملس، والحائط المطين، والمجصص، والملح الجبلي دون المائي،والآجر، والخزف المتخذ من طين، خالص، والأرض الندية، والطين الرطب. ولكن لا ينبغي أن يتيمم بالطين ما لم يخف ذهاب الوقت، لأن فيه تلطيخ الوجه من غير ضرورة فيصير بمعنى المثلة، وإن كان لو تيمم به أجزأه عندهما، لأن الطين من أجزاء الأرض، فإن خاف ذهاب الوقت تيمم وصلى عندهما، ويجوز التيمم عندهما بالغبار بأن ضرب يده على الثوب، أو لبد، أو صفّة سرج، فارتفع غبار، أو كان على الحديد، أو على الحنطة، أو الشعير، أو نحوها غبار، فتيمم به أجزأه في قولهما، لأن الغبار وإن كان لطيفاً فإنه جزء من أجزأه الأرض فيجوز التيمم، كما يجوز بالكثيف بل أولى. وقد روي أن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- كان بالجابية (منطقة في دمشق) فمطروا فلم يجدوا ماء يتوضؤون به، ولا صعيداً يتيممون به، فقال ابن عمر: لينفض كل واحد منكم غبار ثوبه، أو صفّة سرجه، وليتيمم، وليصل، ولم ينكر عليه أحد فيكون إجماعاً. ولو كان المسافر في طين وردغة لا يجد ماء ولا صعيدا وليس في ثوبه وسرجه غبار لطخ ثوبه أو بعض جسده بالطين فإذا جف تيمم به. أما ما لم يكن من جنس الأرض فلا يجوز التيمم به اتفاقاً عند الحنفية. فكل ما يحترق بالنار فيصير رماداً كالحطب والحشيش ونحوهما، أو ما ينطبع ويلين كالحديد، والصفر، والنحاس، والزجاج ونحوها، فليس من جنس الأرض. كما لا يجوز التيمم بالرماد لأنه من أجزاء الحطب وليس من أجزاء الأرض. وذهب الشافعية والحنابلة وأبو يوسف من الحنفية إلى أنه لا يجوز التيمم إلا بتراب طاهر ذي غبار يعلق باليد غير محترق لقوله تعالى: {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} [المائدة:6] وهذا يقتضي أنه يمسح بجزء منه، فما لا غبار له كالصخر، لا يمسح بشيء منه. وقوله صلى اله عليه وسلم: "جعل التراب لي طهورا" [أخرجه أحمد]. فإن كان جريشا أو ندياً لا يرتفع له غبار لم يكف. لأن الصعيد الطيب هو التراب المنبت، وقد سئل ابن عباس رضي الله عنهما أي الصعيد أطيب فقال: الحرث، وهو التراب الذي يصلح للنبات دون السبخة ونحوها. وأضاف الشافعية إلى التراب الرمل الذي فيه غبار، وعن أحمد روايتان: الجواز وعدمه، وعن أبي يوسف روايتان أيضاً. ولا يجوز عندهم جميعاً (الشافعية وأحمد وأبو يوسف) التيمم بمعدن كنفط، وكبريت، ونورة، ولا بسحاقة خزف، إذ لا يسمى ذلك تراباً. ولا بتراب مختلط بدقيق ونحوه كزعفران،وجص، لمنعه وصول التراب إلى العضو، ولا بطين رطب، لأنه ليس بتراب، ولا بتراب نجس كالوضوء باتفاق العلماء. لقوله تعالى: فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [المائدة:6]. وقال الشافعية إن ما استعمل في التيمم لا يتيمم به كالماء المستعمل. وزاد الحنابلة المغصوب ونحوه فلا يجوز التيمم به. ويجوز المسح بالثلج عند الحنابلة على أعضاء الوضوء إذ تعذر تذويبه لقوله صلى الله عليه وسلم: إذا أمرتكم بشيء فائتوا منه ما استطعتم". ثم إذا جرى الماء على الأعضاء بالمس لم يعد الصلاة لوجود الغسل وإن كان خفيفاً، وإن لم يسل أعاد صلاته، لأنه صلى بدون طهارة كاملة.
| |
|